وعلى غرار كثر، استغلّ الفلسطيني عدوان (45 عاما) سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر ليدخل المقبرة.
ويقول الرجل المقيم حاليا في بلدة قدسيا قرب دمشق «لولا سقوط النظام، لما تمكنا من زيارة قبر والدي مرة أخرى».
ويُضيف لوكالة الصحافة الفرنسية، فيما لملم أحجارا كبيرة من المقبرة ووضعها بشكل مستطيل لإعادة القبر إلى ما كان عليه «وصلنا ولم يكن هناك أثر للقبر، ونعيد تأسيسه الآن».
وإلى جانب رضوان، جلست زينة (70 عاما) والدته على كرسي معدني صغير، تتلو القرآن على روح زوجها، وتبكي بحرقة على «كل الأيام التي مرت بدون أن تتمكن من زيارته».
وتقول «هذه المرة الأولى التي أزور فيها قبر زوجي منذ سبع سنوات وقد جفت دموعي لهذه اللحظة..كل شيء تغيّر هنا لكن لا أزال أحفظ جيدا مكان قبره».
وفرّ آلاف الفلسطينيين من مخيم اليرموك في العام 2012، مع وصول المعارك إليه إثر سيطرة فصائل معارضة عليه ثمّ حصاره من القوات الحكومية.
وكان يسكنه قبل اندلاع النزاع 160 ألف لاجئ فلسطيني بالإضافة إلى آلاف السوريين. وفي العام 2015، تمكّن تنظيم داعش من التسلّل إليه.
وتسبّبت المعارك بأزمة إنسانية خانقة وبفرار العدد الأكبر من سكانه وسقوط ضحايا، قبل طرد التنظيم منه في مايو 2018.
وعاد عدد محدود من سكان المخيم إلى منازلهم التي لا تزال صالحة للسكن وسط منطقة مدمرة بشكل كامل وتعاني نقصا شديدا في الخدمات.
إلا أن العدد الأكبر ما زال خارج المنطقة التي شهدت أعنف المعارك خلال السنوات الأولى للنزاع، وطالها قصف جوي ومدفعي عنيف خلال معارك دارت بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة وعناصر تابعين لداعش.
وفي الطريق إلى مقبرة المخيم اليرموك، يلعب أطفال حفاة وبملابس رثة ببقايا أراجيح معدنية، فيما يلفّ الدمار ساحة كانت في ما مضى حديقة تضمّ ألعابا.
ومن أمامها، عبر رجال وشباب متوجهين نحو المقبرة بحثا عما تبقى من قبور أحبائهم بين الدمار.
من بينهم محمود بدوان (60 عاما) الذي اتسخت يداه بالتراب وهو ينبش بين الأنقاض ويُشير بيده ويقول «هنا كان قبر والدي، وهناك قبر عمي، وهنا خالي».
وتبدو معظم القبور بدون شواهد أو بعضها بشواهد مكسرة، وقبور نادرة احتفظت بشواهدها التي كتب عليها أسماء الموتى وتاريخ وفاتهم.
ويُضيف بدوان «لم يسلم من نظام الأسد الأحياء ولا الأموات، انظر إلى الركام كيف غطى كل المقابر، لم يسلم أحد».